كواحد من أمهر عازفي آلة الكمنجة و أبرزهم في تونس يعمل الفنان « زياد الزواري » منذ سنوات على رسم ملامح مشروعه الخاص فنيا من خلال تجارب الدمج الفني القائمة على استحضار موسيقات ثقافات أخرى قد تبدو للوهلة الأولى متنافرة مع الطابع الموسيقي المميز للون الموسيقي التونسي ومن ثمة تطويعها حتى تظهر فجأة في عرض متكامل يقوم على
التوزيع المحكم لعمل الآلات والأصوات داخل العمل ليستحيل العمل المقدم قطعة أو جسرا رابطا و ناظما بين ثقافات قلما تتاح لها الفرصة كي تلتقي .
بحسب عروضه الأولى المقدمة حديثا في عدد من المسارح والفضاءات التونسية و آخرها بالمركب الثقافي محمد الجموسي بصفاقس في إطار افتتاح الموسم الثقافي من خلال «أكتوبر الموسيقى» يبدو أن عرض «طرق المقام» قد ولد ليكون عابرا للثقافات مع الحفاظ على طابعه وروحه التونسيين و ذلك من خلال استضافة عازف «القيتار» التركي عبد الرحمان تراكسي والتونسيين محمد عبد القادر بلحاج قاسم عازفا للإيقاع وغسان الفندري عازفا على آلة القيتار.
من «طبع تونس» إلى «قناوة» المغرب الأقصى وصولا إلى mûgâm مرورا بـ «Raga» الهند وبمسحة الجاز حين يبلغ الشرق يعمل عرض « طرق المقام » على تأصيل تلازم الموسيقى بالحرية حين يكون انعكاسا مباشرا لسحر الشرق و حين يكون ترجمة أمينة لأوجاع إفريقيا وأحزان الجاز وثورة موسيقى الروك و تمردها على الموسيقى و على كل شيء.
قد يبدو حلم جمع العالم وتوحيده حول فكرة بمسك تلابيبه المتفرقة مرة واحدة أمرا بعيد المنال وطوباويا في أحيان كثيرة لكن الموسيقى والفنون عموما كثيرا ما أسقطت هذا التكهن بإثبات العكس بقدرتها على ذلك بل و على التميز فيه.
تحية لروحي .. سليم شاكر و رضا القلعي
لا يمكن بأي حال فصل ما يجري في العالم الخارجي عن ذلك الذي يحصل على خشبة الركح على اختلاف الفن المقدم رسالة ونوعا فخلال عرض « طرق المقام » لم يغفل الفنان والعازف زياد الزواري عن التعبير عن عميق الحزن المرافق لخبر وفاة وزير الصحة سليم شاكر الذي توفي يوم تقديم العرض مقدما لروحه لحنا حزينا رسمت آثاره على وجوه الحاضرين بالمركب الثقافي محمد الجموسي.
عن رضا القلعي تحدث زياد الزواري معتبرا إياه أستاذه الروحي رغم أنه لم يعاصره مهديا لروحه أيضا معزوفة «جرجيس» والتي رافقه في أدائها الفنان عبد الرحمان تراكسي على آلة «القيتار» .