نظمت جمعية الشيحية للفن المسرحي بصفاقس العرض ما قبل الاول لمسرحية “روكسان- مولان روج” بمركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس يوم الاحد 13 ماي 2018 وسط حضور جماهيري لافت عجزت قاعة المركز عن استيعابه.
العرض يعد امتدادا مسرحيا لأسطورة الـ ” Moulin Rouge “الملهى الأشهر في تاريخ باريس الفرنسية وواحد من معاقل المسرح الغنائي في التاريخ حيث تجتمع كل أشكال الفنون والتعبير على ركح واحد.
عديدة هي اللوحات الفنية الراقصة التي كتبت تاريخ الطاحونة الحمراء ولعل أشهرها لوحة El Tango de Roxanne وهي التي اختارها المخرج ” عمر بن سلطانة ” والكاتبة “دنيا مناصرية ” لتكون موضوعا للعرض المسرحي الجديد.
اختيار يبدو أنه لم يكن مصادفة إذ تحيل مشاهدة اللوحة الأصلية على زخم من الحركة ومن المواقف وعلى قدرة عالية على كسر الجدار الرابع الأمر الذي يمكن أن يمهد لاقتباس على مستو عال يبقى فيه الرهان الأكبر هو القدرة على إكساب العمل هوية جديدة ” متونسة ” غير تلك التي ولد فيها.
لم تحمي أشرعة الطاحونة الحمراء أبناءها من جبروت “الدوق” في النص الاصلي والذي سمي في مسرحية الحال بـ ” سي أنيس ” بل كانت شفرات المولان روج كأذرع الطواحين الشيطانية التي رفعت ألونسو كيخانو أو دون كيخوتي ورضّت عظامه.
تضطر “جميلة” لإغواء “سي فراس” لإنقاذ فضاء المسرح، لكن قلبها كان اقرب الى السيناريست المعدم، تفاجئ بأنها مريضة بمرض “السل” و أن أيامها معدودات فتخير التضحية بنفسها وحبها في سبيل المجموعة لتنتهي حياتاها دون أن يظفر بحبها الرأسمالي الجشع “سي فراس” ولا بحياتها السيناريست العاشق “أنيس”
المصالحة بين المسرح والموسيقى
بحرفية عالية عمل الممثلون في عرض ” روكسان- مولان روج ” على توجيه طاقتهم وتوزعيها بين لغة الجسد والمنطوق الأمر الذي يتطلب مجهودا وتركيزا مضاعفين في مصالحة بين المسرح والموسيقى التي تعد أصل المسرح وواحدة من أسباب ظهوره.
وسط إضاءة محكمة الوضع والتوزيع بشكل متفاعل مع تصاعد التوتر على الركح و خفوته كان الركح الدائري المتحرك المركز داخل الركح الأصلي الكبير مسرحا مستقلا و ناقلا لتموجات النفس البشرية و لنزاعتها مع ذاتها و مع الآخر الجحيم و كذلك كانت الموسيقى خصوصا مع آلة الكمنجة التي لعبت دورا رئيسيا في العرض.
عالجت المسرحية عدة مسائل انثروبولوجية منها مهنة القواد صاحب “المولان روج” وهو الوسيط بين الراقصة والمشتري بالإضافة إلى مبدأ سلعنة الجسد وسوق المتعة والعرض والطلب وتأسيس الفلسفة الميكيافالية في أن “الغاية تبرر الوسيلة” لكن كل هذه النظريات كسرت على شواطئ الحب وان ما كل شيء يباع ويشترى وتذوب كزبد أمام انكار الذات لصالح المجموعة.
عمر بن سلطانة.. القادمون من مسرح الهامش
لعل اللافت في الأعمال التي قدمها المخرج الشاب عمر بن سلطانة خلال السنوات القليلة الماضية هو التوجه التام نحو الانحياز لمن هم تحت أو الذين يقفون على يسار الاهتمام الأمر الذي تم تجسيده من خلال أعمال حازت على اعترافات الملتقيات و المهرجانات الوطنية المسرحية و آخرها ” مونولوج “” لوزينة ” في سبتمبر الماضي خلال المهرجان الوطني للمسرح الخاص بدور الشباب و الثقافة و المؤسسات الجامعية و هو العمل الذي سبق عمل ” نواشز ” المتحصل على الجائزة الأولى في المسرح الإقليمي للمسرح سنة 2018 و هو العمل الذي تم تقديمه مؤخرا . ينتمي بن سلطانة للمسرحيين عصاميي التكوين والذين يعملون على نقل الواقع المعيش بطعمه المر إلى خشبة المسرح من خلال المواضيع المتناولة أو حتى من خلال التعويل على ممثلين يجسدون شخصياتهم الحقيقية التي يحيونها خارج المسرح الأمر الذي يفسر تلك المساحة من الصدق التي ترافق الأداء في شبه مسرح للإدماج.
بقلم : استبرق العايدي
فريق العمل :
اخراج : عمر بن سلطانة
نص : دنيا مناصرية
ادارة : شكيب الوحيشي
تمثيل : أنيس المسراطي ، جميلة خنفير ، محمد وليد الضميري ، فراس البرادعي ، هيثم الحاج قاسم ، رائد العايدي ، سامح علىلى ، نور المصمودي ، خلود قبلاوي
توضيب تقني : محمد رجوان نصر
توضيب ركحي : أيمن خبوشي ، خالد صرصار ، ايمن مسعود
ديكور : محمود العيادي
ملابس : حبيبة الشعري