بحضور لجنة الشراءات بوزارة الشؤون الثقافية نظمت جمعية مسرح الحياة بصفاقس العرض الأول لمسرحية “حلمة” و ذلك يوم الجمعة 06 جويلية 2018 بمركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس وسط جماهيري محترم جمع بين أجيال مختلفة من متابعي المسرح جهويا ووطنيا.

عن السلطة العنف والجنس.. من تكلم خان .. من هنا نبدأ 

تقوم السلطة بعكس صورة مجموعة العلاقات بين الطبقات ، بين الحاكم والمحكوم ، المُستغِل والمستَغَل ، علاقة هيمنة ومحاولة تدجين ، يقول ورايت ميلس : “كل سياسة هي صراع من اجل الحصول على السلطة ، والحال أن السلطة هي في نهاية الامر عنف” حيث لا تتمثل في اخضاع ارادة الاخر فقط بل تنتزع ارادته عن طريق الاكراه،التهديد والقمع .

هذه  المباحث الانثروبولوجية تنطبق كربونيا على شخصيات المسرحية، البوليس الذي يستغل سلطته القمعية لانتزاع اعترافات مناضل سابق بالاتحاد العام لطلبة تونس ،مفروز امني سابق سويت وضعيته واصبح موظفا ومنخرطا بلاتحادالعام التونسي للشغل ، مثقف يحمل في جرابه ” البيان الشيوعي، الصراع الطبقي ، امراتنا في الشريعة والمجتمع وعام الفزوع”.

في التحقيق والاستجواب يفشل “البوليس” في انتزاع اعتراف من “المتهم” ،فيلجأ الى مقايضته بارواح بريئة شاءت الصدف انها كانت على مرمى حجر من القبضة القمعية.

ثلاث فتيات ينتمين الى طبقة واحدة ،مهمشات ، فقيرات ، يشتركن في الكفاح لكسب القوت .

– فنانة : اقتنعت ان الفن في هذا الزمن “مايوكلش الخبز” ، فاتخذت من “نصبة” كمصدر رزق لها واعتقدت ان الانتصاب الفوضوي هو سبب تواجدها بدهاليز الداخلية.

– صحفية : لم تكن يوما من قارعي للطبول فتم تهميشها وركنها في زاوية المشاغبين الخطرين اعتقدت ان افكارها وتحقيقاتها الاستقصائية سبب الزج بها في كهوف الداخلية.

-معينة نظافة : هاجرت من الريف الى المدينة ، تحملت كل الاهانات النفسية والجسدية كي تحقق ذاتها وتتمتع بمواطنتها ، اعتقدت ان تواجدها في الحجرة التعذيب وشاية ملفقة من ربة منزل اشتغلت عندها.

ثلاثة نساء  جمعت بينهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعدمة طالتهم يد السفاح ، اعتقادا منهم انهن ينتمين الى فئة هشة يسهل التلاعب بهن ولكن الوعي لم يكن فئويا بل متغلغلا داخل الشعب ، رفضن الانصياع لرغبات الجلاد ، رفضن ان يصرن  دمى تتحرك باصابع لاانسانية، بل منهن من وهبتا ارواحهما فداء للوطن المقدس واحداهما صارحت الجلاد انه مجرد حلقة في سلسلة من الدناسة وان اليد الملطخة بالدماء مست عقر داره.

مسرح  مسيس في خدمة قضايا الانسان :

على خطى مسرح  سعد الله ونوس ، عالجت المسرحية العديد من القضايا السياسية كظلم المحقق و المستجوب الأمني ، العنف اللفظي والمادي ، الاضطهاد ، الخوف ، قمع الذات وقمع السلطة ،حضور الوعي السياسي الدفين لدى العامة رغم انشغالهم باليومي بالاضافة إلى القضايا الاجتماعية كالفقر، غلاء المعيشة ، الانتقال من المناطق الداخلية للمدن الكبرى ، تهميش الفن وتدجين الصحافة.

لم تبحث المسرحية عن حلول بقدر ما حاولت اعادة تصوير الواقع المغيب عن العامة حول فئة من المناضلين المقموعين المهمشين وايصال رسالة مفادها ان  الحياد أيضا هو موقف لكنه شكل من أشكال الاستقالة التي قد تتطور إلى خيانة الفكرة وصولا إلى كل الأشكال الأخرى للخيانة و أنك متهم حتى تثبت ولاءك للسلطة القمعية.

 

بقلم : إستبرق العايدي 

دراماتورجيا واخراج : الياس اسماعيل .

تمثيل  سعيدة عروس – فاروق لوز – ايمن القلعي – مريم كمون – اية بن بلقاسم .
تقني صوت : راسم
تقني اضاءة : عمر
تجميل : نادية الجربي
ملابس : سعيدة عروس
انتاج جمعية مسرح الحياة :حمزة بن رجب .
صور : عمر الزغل
انتاح جويلية 2018